يتحدث هذا الكتاب عن أدوار الهندسة العسكرية في معارك الفتوحات الإسلامية بين سنة 11هـ وهي مدة بدء خلافة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى سنة 132هـ وهي سنة سقوط الدولة الأموي وإنشاء الدولة العباسية وهو الإطار الزمني المناسب والعملي لهذا البحث لأسباب عديدة منها أن الفتوحات الإسلامية قد انحصرت ضمن هذه الحقبة فضلاً عن أن الأمة العربية قد عدت حين جاء الإسلام كلها مقاتلة على وفق مبدأ الأمة المقاتلة الذي يعني أن كل قادر على حمل السلاح من الرجال عليه أن ينفر للحرب عند الحاجة.
وقد حدثت المعارك الفاصلة بين العرب المسلمين والإمبراطورتين الكبريين الفارسية والبيزنطية اللتين كانتا تهيمنان على مساحات شاسعة من الأرض بجيوش مدربة ومنظمة والتي احتاج المسلمون إلى إمكانات كبيرة لدحر تحصينات هاتين الإمبراطوريتين واستحكاماتهما لتحقيق النصر في الفتوحات الإسلامية. وهناك سبب آخر هو أن العقيدة العسكرية العربية الإسلامية في هذه الحقبة الزمنية كانت مبنية على التمرض دون الدفاع وبذلك تظهر الأدواء الهندسية في المعارك بصورة جلية وواضحة وخاصة في صفحة الهجوم.
وعلى هذا الأساس كان لا بد للباحث من أن ينظر للبحث من منظور العربي المسلم الذي يحاول أن يستخرج إبداعات قومه وملته خلال هذه المعارك الخالدة معتمداً على الحقائق التأريخية المسندة بالأحداث والوقائع الصحيحة على أفق بحث علمي قائم على الاستنتاج والتحليل. بما يتوافق مع المفاهيم العسكرية السابقة واللاحقة ومدى مطابقتها لمفاهيمنا الحالية مستبعداً تكرار الأخطاء التي فيها، محايداً في الكتابة.
لذلك كان الكتاب في مقدمة وخمسة فصول وخاتمة. فالفصل الأول بعنوان (واجبات ومبادئ وتنظيم الهندسة العسكرية) والذي يبحث عن بدايات تنظيم الجيش العربي الإسلامي وتشكيل الهندسة العسكرية ضمنه كجزء من عناصره المهمة والواجبات الرئيسة لهذه العناصر من تحسين قابلية الجيش على الحركة والتي تشمل تحسين الطرق واجتياز الموانع الطبيعية والاصطناعية وعبور الموانع المائية وإنشاء الجسور واستطلاع المخاضات... الخ. وكذلك بذل كل ما من شأنه إعاقة حركة العدو من حفر الخنادق وإنشاء الموانع والاستحكامات للمدن والأمصار ويبحث هذا الفصل أيضاً في مبادئ استخدام الهندسة العسكرية في الميدان كأسبقية العمل والمرونة والاقتصاد بالجهد... الخ.
أما الفصل الثاني فهو بعنوان (الأسلحة والتجهيزات للهندسة العسكرية) والذي يبحث بأسلحة وآلات الحصار والتجهيزات المستخدمة في معارك الفتوحات الإسلامية كالمنجنيق والعرادة والدبابة والكبش وأنواع الخنادق والحسك والسلالم واستخدام النار... الخ.
في حين يبحث الفصل الثالث في التعبئة المستخدمة للجيش خلال الفتوحات الإسلامية في العصر الراشدي وخلال الفتوحات الإسلامية في العصر الأموي وكيفية تعبئة الهندسة العسكرية ضمن الجيش في الميدان ونظامها.
وأتى الفصل الرابع متمماً لسابقة وجاء عنوانه (الهندسة العسكرية في معارك الفتوحات الإسلامية الفاصلة) وفيه تم إدراج نماذج من هذه الاستخدامات في أهم معارك الفتوح في العصر الراشدي والعصر الأموي والتطور الذي حدث بين هذين العصرين في الاستخدام والتعبئة على وفق الترتيب الزمني لها.
وجاء الفصل الخامس من البحث بعنوان (الواجبات الثانوية للهندسة العسكرية) والذي بحث الواجبات المنوطة ببناء المدن والأمصار والقلاع والحصون وإنشاء تحصينات المدن وإبداء المشورة حول تنظيمها فضلاً عن تحصينات الثغور والعواصم.
لقد احتوت الخاتمة على الاستنتاجات الرئيسة عن صنف الهندسة العسكرية بين الماضي والحاضر تعبوياً وتقنياً وتنظيمياً ومدى التشابه في الواجبات والأدوار بين العصور السابقة وعصرنا الحالي
.
.
